"الحسن والحسين" يوقظ خلافات الماضي ويحمل أفكارا "سلفية"

أثار منع البرلمان العراقي عرض مسلسل الحسن والحسين ردود أفعال متباينة بين
السياسيين والمراقبين العراقيين، وتحولت قضية اتفق أغلبهم على أنها
"صغيرة" إلى مناسبة لإثارة الكثير من الملفات "الكبيرة"، ففي حين لا يمنتع
البعض من الساسة عن وصف المسلسل بـ"الرخيص والمكتوب وفقا للرواية السلفية"،
ينتقد هؤلاء البرلمان على انشغاله بأمور "بسيطة وليست من اختصاصه"، في وقت
يشدد آخرون على أن البرلمان يجب أن يكون لديه موقف من القضايا "التي تطعن
بطائفة من المسلمين" حتى ولو كانت صغيرة، بينما يرى محللون أن البرلمان
إنما صنع دعاية "مجانية" للمسلسل لافتين إلى أن القرار وراءه جهات تريد ان
يكون التاريخ وفقا اتوجهاتها السياسية.

وكان مجلس النواب العراقي، صوت أول أمس السبت (13/8/2011)، بالإجماع على
منع عرض مسلسل الحسن والحسين التلفزيوني، بناء على طلب تقدمت به لجنة
الأوقاف والشؤون الدينية موقع من مائة نائب، كما طالب المجلس هيئة الإعلام
والاتصالات بإصدار قرار بهذا الشأن.

العلوي:التصويت على منع المسلسل في البرلمان خطأ كبير

ويرى زعيم كتلة العراقية البيضاء والمفكر حسن العلوي أن "مجلس النواب لا
يجوز له إعطاء أهمية لمسلسل رخيص كمسلسل الحسن والحسين، بحيث يتدخل بحجمه
الكبير وهو برلمان حقيقي منتخب وليس برلمان سلطة"، مبينا أن "منع عرض مسلسل
أمر يمكن أن يعالج من قبل الهيئات الدينية والفنية مثل هيئة الإرسال
والهيئات الدينية الأخرى".

ويقول العلوي إن "دور البرلمان اكبر حجما ووجودا كمؤسسة، من أن ينظر في
أمور بسيطة ورخيصة مثل هذا المسلسل"، مشيرا إلى أن "المسلسل مكتوب بطريقة
النظرية السلفية التي تجعل القاتل والمقتول على حق، لكن هذا الأمر ليس مهمة
برلمان بحجم البرلمان العراقي والمنتخب انتخابا حقيقيا".

ويتابع العلوي أن "مجلس النواب بتصويته على منع عرض هذا المسلسل أعطى دعاية
مجانية له، الأمر الذي يعني وجود حاجز وفاصل في وعي البرلمان لحاجات الناس
الأساسية"، معتبرا أن "إدراج التصويت على هذا المسلسل ضمن برنامج مجلس
النواب في الأساس خطأ كبير".

المرجعيات الدينية "دعت لمنعه"
من جهته يعتبر عضو ائتلاف دولة القانون حسين الأسدي، أن"إثارة موضوع مسلسل
الحسن والحسين من قبل مجموعة كبيرة من المرجعيات الدينية سواء في الأزهر أو
في النجف، إضافة إلى الأوساط المختلفة، دعت إلى جمع التواقيع من أعضاء
مجلس النواب والتصويت على منعه".

ويقول الأسدي في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "هذا المسلسل كان يطعن بشكل
واضح بشريحة كبيرة وطائفة مهمة من المسلمين، وذلك بإشارته إلى أن عبد الله
ابن سبأ وهو الشخصية الوهمية المؤسس للمذهب الجعفري"، مشيرا إلى أن "مجلس
النواب العراقي لديه قضايا مهمة، وعليه متابعتها مثل قانون النفط والغاز
وقانون الأحزاب، وقوانين أخرى مهمة تتعلق بالعراق على المستوى الاقتصادي
والسياسي، كما أن هناك أكثر من 56 مادة دستورية تحتاج إلى تشريع".

ويستدرك "ولكن مع هذا كله يجب على مجلس النواب أيضا عدم غض النظر عن
القضايا الآنية والصغيرة التي يجب الوقوف بوجهها والتصدي إليها أفضل من
إبقائها، حتى لا تعطي رسالة سلبية للشارع العراقي والعالم الإسلامي".

يشار إلى أن المسلسل الرمضاني "الحسن والحسين" أثار جدلا واسعا في العراق،
بعد مطالبة أطراف عدة منها رئيس الوقف السني عبد الغفور السامرائي ورئيس
الوقف الشيعي صالح الحيدري وقف عرض المسلسل، خاصة بعد أن عرضته قناة بغداد
المقربة من الحزب الإسلامي، وهي القناة العراقية الوحيدة التي تفردت بعرضه
على شاشتها.

منع المسلسل إلهاء لطائفة معينة
ويرى النائب عن التحالف الكردستاني محمود عثمان، أن موضوع منع مسلسل أو
إيقاف عمل لفضائية معينة، يجب أن يكون من قبل هيئة الاتصالات التي بدورها
تبين لماذا تم المنع، لافتا إلى أن منعه في الفضائيات العراقية لا يعني أن
يمنع في الفضائيات الخارجية.

ويقول عثمان في حديث لـ" السومرية نيوز، إن "هذا المسلسل أعطيَ أهمية
كبيرة، عند جلبه إلى البرلمان وقيل إنه أساء لشخصيات تاريخية، لكننا لم
نعرف ما هي الإساءة، وكان يجب أن تشرح لنا".

ويتابع عثمان أن "هناك مسائل مهمة تهم الشعب العراقي مثل التجاوزات على
الحدود العراقية وعلى الصيادين وعلى المياه مع الكويت وايران وتركيا"،
معتبرا أن "التركيز على هذا المسلسل يعد إلهاء لطائفة معينة، حيث إن العراق
يواجه تحديات كبيرة مثل الكهرباء والخدمات الأخرى والاعتداءات الخارجية
على أراضيه، ولا نرى موقفا موحدا إزاءها".

وكان الأمين العام للحزب الإسلامي العراقي إياد السامرائي قد دعا أمس
السبت، (13/8/2011) أعضاء مجلس النواب إلى تحديد نوع الإساءة التي طرحها
مسلسل الحسن والحسين، مشيرا إلى أن النواب وقعوا في إحراج لدى تصويتهم على
إيقاف عرض المسلسل فيما صوت البعض وهو لا يعلم طبيعة المخالفة.

وانتقدت كتلة الوسط التي يتزعمها السامرائي قرار مجلس النواب العراقي بمنع
عرض مسلسل الحسن والحسين التلفزيوني، مطالبة بدراسة موضوع المسلسل وتحديد
المخالفات التي تضمنها قبل منعه.

ويدير رئيس مجلس النواب السابق الأمين العام للحزب الإسلامي العراقي إياد
السامرائي، فضائية بغداد التي انفردت بعرض مسلسل الحسن والحسين من بين
الفضائيات العراقية.

مجلس النواب وصل إلى مستوى أدنى من أن يدرك مهامه
فيما يرى الكاتب والمحلل إبراهيم الصميدعي، أن التصويت على منع مسلسل الحسن
والحسين خروج واضح وفاضح للبرلمان العراقي عن اختصاصاته، لان هذا القرار
كان يجب أن يصدر من الهيئة الوطنية للاتصالات والإعلام، وليس من مجلس
النواب العراقي.

ويؤكد الصميدعي في حديث لـ "السومرية نيوز"، أن "دور مجلس النواب في
الدستور محدد وبشكل واضح، وليس من اختصاصاته مراقبة الفضاء والمحطات
الفضائية"، مشيرا إلى أن "العراق يجب اليوم أن يكون الواجهة الأهم في
العالم، وليس بالشرق الأوسط، لتبادل وجهات النظر في تقاطعات تاريخية سببها
التاريخ وكتابه تحديدا".

ويوضح الصميدعي أن "هناك قراءة مختلفة للتاريخ في المذهب الواحد وفي
التوجهات السياسية لكل مرحلة من المراحل الزمنية"، مبينا أن "هناك من حاول
أن يسطر التاريخ مع توجهاته السياسية أو الفكرية والمذهبية".

ويؤكد الصميدعي أن "الخوض في المسائل التاريخية، هو من أسباب نشوب الأزمة
السياسية التي تلت عراق ما بعد العام 2003 ، وبعد مرور تسعة سنوات على
التغيير"، مشيرا إلى أن "الذهنية العراقية أصبحت قابلة لتقبل قراءة مختلفة
للتاريخ الذي كانت مجبرة على تقبل وجهة نظر السلطة الزمنية أيا كانت تلك
السلطة".

ويتابع الصميدعي أن "مجلس النواب وان أصدر مثل هذا القرار قطعا فان
البرلمان لا يملك أن يضع شرطيا على آلاف القنوات التي تعرضه، لذلك فان هذه
دعاية مجانية"، مشيرا إلى أن "مجلس النواب العراقي وصل إلى مستوى أدنى من
أن يدرك مهامه ومسؤولياته واختصاصاته التشريعية والقانونية بموجب القانون".

البرلمان بات يتابع الأمور الصغيرة ويتناسى الكبيرة
من جانبه يرى الإعلامي عماد العبادي، أن مجلس النواب كان أحرى به، عدم
الانشغال بأشياء لاتهم الشعب العراقي الذي ينتظر منه الكثير، من اجل تحسين
وضعه الخدمي والاقتصادي.

ويقول العبادي في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "البرلمان العراقي لديه
الكثير من القوانين المهمة والمشاريع المعطلة منذ دورته السابقة"، مشددا
على ضرورة أن "يلتفت البرلمان لتلك المشاريع بدلا من التركيز على أمور
سطحية كمنع مسلسل".

ويشير العبادي إلى أن "منع أي مسلسل أو إيقاف اية محطة، يدخل ضمن اختصاص
هيئة الإعلام والاتصالات، وليس من اختصاص مجلس نواب يمثل شعب منهك يبحث عن
حلول لأزماته، لافتا إلى أن "البرلمان العراقي بات يتابع الأشياء الصغيرة
وينسى أو يتناسى الأشياء الكبيرة والمهمة وهذا مما يؤسف له".

وكان معتمد المرجع الديني علي السيستاني في كربلاء أكد خلال خطبة صلاة
الجمعة (12/8/2011)، أن مسلسل الحسن والحسين ومعاوية ينطوي على الكثير من
التزييف والكذب والتحريف، متهما الجهة المنتجة للمسلسل بعدم الاعتماد على
مصادر تاريخية رصينة، كما اعتبر أن النص الخاص بالمسلسل، كتب من قبل أشخاص
يختلفون مع عقيدة أتباع آل بيت النبي، داعيا المواطنين إلى توخي الدقة في
التعاطي مع ما يعرض من أحداث وسير خاصة بالأئمة المعصومين.

كما طالب مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر في مصر الجهات المسؤولة بمنع عرض
الأعمال الدينية التي يتم فيها تجسيد وعرض آل البيت أو الصحابة ، وهو ما
رآه مراقبون إشارة إلى مسلسل "الحسن والحسين".

يذكر أن عدة قنوات تلفزيونية كانت قد أعلنت، خلال الفترة الماضية، عن عرض
عدد من المسلسلات التاريخية خلال أيام شهر رمضان من بينها مسلسل "الحسن
والحسين"، الذي أخرجه عبد الباري أبو الخير، رغم التهديدات التي أطلقها
جامع الأزهر في مصر برفع دعاوى قضائية ضد تلك القنوات التي أعلنت عن عرض
المسلسل لتعارضه مع الشريعة الإسلامية.

» معزوفة الماضي