المدينة تحترق
الدار يا أماه طفل يحترق
هذي ذئاب النار بالأحزان تسرع
خلف حلم يختنق
شرفات منزلنا الصغير
على نحيبك لم تزل
تنشق حزنا.. وألم
والدار يعصرها اللهيب
وصارت الأنفاس فيها كالعدم...
* * *
النار تسري في مدينتنا وليس لنا مجير
أكلت حدائقنا مزارعنا
وعصفوري الصغير
أكلت جوانحنا مدامعنا..
وأحرقت الغدير
النار يا أماه أحرقت الغدير!!
* * *
النار يا أمي تحوم على مشارف بيتنا
وأنا أموت على مكاني كل شيء..
صار نارا حولنا
أترى سنتركها
لتأكل بسمة الأيام والأمل الوليد؟!
النار تنهش في الدماء وفي النساء وفي الحديد
النار تسكر في الزحام
على بقايا.. من شهيد
* * *
النار يا أمي على الباب الكبير
والناس تصرخ والكبير يدوس على أشلاء الصغير
والمسجد الخالي يذوب مع المآذن يحترق
وعليه صورة طفلة
ركعت على أنفاسها
من ذا يصدق أنها..
ذهبت هناك لتختنق؟
صلواتها تبكي يتوه نحيبها بين الحريق
والمنبر المسكين في وسط الحريق
كأنه طفل.. غريق
* * *
الناس تلقي نفسها بين اللهب
وصراخ أطفال وحزن أرامل
والكل يسأل.. ما السبب؟؟
النار منا تقترب
النار يا أمي تدمر دارنا..
هذي دماء الدار تسقط
من ثنايا.. ثغرها
أكلت عيون الدار
ألقت في اللهيب بسحرها
ذبحت شجيرتنا التي
عشت الحياة بعطرها
* * *
الدار يا أماه طفل يحترق..
صدري من الدخان
يصرخ.. كاد صدري يختنق
أماه..
النار مني تقترب
أماه إني أختنق
أماه...
أماه...
المغني الحزين
غنائي الحزين..
ترى هل سئمتم غنائي الحزين؟
وماذا سأفعل..
قلبي حزين
زماني حزين
وجدران بيتي
تقاطيع وجهي..
بكائي وضحكي
حزين حزين؟
* * *
أتيت إليكم..
وما كنت أعرف معنى الغناء
وغنيت فيكم.. وأصبحت منكم..
وحلقت بالحلم فوق السماء..
حملت إليكم زمانا جميلا على راحتيا
وما جئت أصرخ بالمعجزات
وما كنت فيكم رسولا نبيا
فكل الذي كان عندي غناء
وما كنت أحمل سرا خفيا
وصدقتموني..
فماذا سأفعل يا أصدقاء
إذا كان صوتي توارى بعيدا
وقد كان صوتا عنيدا قويا؟
إذا كان حلمي أضحى خيالا
يطوف ويسقط في مقلتيا؟
وصار غنائي حزينا.. حزين
* * *
لقد كنت أعرف أني غريب
وأن زماني زمان عجيب
وأني سأحفر نهرا صغيرا وأغرق فيه
وأني سأنشد لحنا جميلا
وأدرك أني أغني لنفسي
وأني سأغرس حلما كبيرا
ويرحل عني.. وأشقى بيأسي..
فماذا سأفعل يا أصدقاء؟
أتيت إليكم بلحن جريح
لأن زماني.. زمان قبيح
فجدران بيتي دمار.. وريح
وبين الجوانح قلب ذبيح
فحيح الأفاعي يحاصر بيتي
ويعبث في الصمت صوت كريه
إذا راح عمر قبيح السمات
رأينا له كل يوم شبيه
وفئران بيتي صارت أسودا
فتأكل كل طعام الصغار
وتسرق عمري.. وتعبث فيه
* * *
أنام وفي العين ثقب كبير
فأوهم نفسي بأني أنام
وأصحو وفي القلب خوف عميق
فأمضغ في الصمت بعض الكلام
أقول لنفسي كلاما كثيرا
وأسمع نفسي..
وألمح في الليل شيئا مخيفا
يطوف برأسي
ويخنق صوتي..
ويسقط في الصمت كل الكلام
* * *
فلا تسأموني
إذا جاء صوتي كنهر الدموع
فما زلت أنثر في الليل وحدي
بقايا الشموع
إذا لاح ضوء مضيت إليه
فيجري بعيدا.. ويهرب مني
وأسقط في الأرض أغفو قليلا
وأرفع رأسي.. وأفتح عيني
فيبدو مع الأفق ضوء بعيد
فأجري إليه..
وما زلت اجري.. و أجري.. وأجري..
حزين غنائي
ولكن حلمي عنيد.. عنيد
فما زلت أعرف ماذا أريد
ما زلت أعرف ماذا أريد